لم أشاهد فيلم «فتاة المصنع» حتى الآن ولكنى شاهدت ماكينة الأحلام التى عمل عليها ونسج لنا من خلالها مجموعة من أهم أفلام السينما المصرية التى صارت من الكلاسيكيات، إنه الفنان المصرى جداً محمد خان، المخرج الجميل الذى لم يخن فنه أبداً فى وقت صارت فيه الخيانة وجهة نظر، المصرى روحاً ووجداناً وعقلاً وعقيدة وفناً والذى لم يكن يحتاج إلا إلى مجرد توثيق وختم نسر وتوقيع اتنين موظفين لكى يتسلم شهادة توثق الانتماء ولكنها لم تصنع هذا الانتماء الذى كان متحققاً بالفعل، محمد خان عاشق التفاصيل وساكن المنمنمات وصانع الأرابيسك، يصنع فيلمه بروح صنايعى خان الخليلى ويرسم كادراته ويختار أماكنه بروح فنان تشكيلى من عصر النهضة، ما زلت أتذكر انبهارى بفيلم الحريف، هذا الصعلوك اللاهث مع الكرة الشراب، ابن البلد العابث مع مراهناتها التى تنعكس على كل تفاصيل حياته فتجعلها مقامرة خاسرة دائماً، ما زلت أحلم أحلام هند وكاميليا البسيطة المتواضعة التى سقفها كسرة خبز وسقف ودفء زوج وطبطبة زمن ضنين ورأس مالها حفنة قروش من خدمة البيوت، ما زال محفوراً فى وجداننا هذا الضابط المتقاعد فى زوجة رجل مهم والذى توقفت عقارب الزمن البيولوجية لديه عند زمن الضابط الباشا الحاكم بأمره وما بين حبل السلطة والهيلمان الذى يشده شرقاً وبين حبل الواقع والحقيقة الذى يشده غرباً تمزق الرجل، تحية لمحمد خان ومبروك على الجنسية التى حصل عليها من قلوب البسطاء من جماهيره قبل أن يحصل عليها من قصر الرئاسة.